1 فبراير: مليونية



اليوم أول مظاهرة مليونية بعد جمعة الغضب، ذهبت إلى الميدان ودخلت من ناحية كوبري قصر النيل، التزاحم شديد ولكن يبدو أن التزاحم الأكبر بداخل الميدان، الساعة العاشرة صباحًا ويبدو أننا اقتربنا جدًا من المليون إن لم يكن أكثر، وطبعا مازالت الهليكوبتر –ككل يوم الآن- تحوم فوق الميدان كل خمس دقائق لتصوير المشهد. نظم شباب 6 أبريل مع الجيش نقط تفتيش في كل مداخل الميدان، النظام في الدخول إجباري، يجب إظهار البطاقة لأكثر من شخص والتفتيش واجب، شعرت بالأمان أكثر لأن كل هذه الأعداد قد تجذب مختل عقليًا من مختلى النظام البائد.

بعد الدخول رأيت الميدان منظم اليوم أكثر، المطالب مكتوبة بشكل واضح وخط كبير ومعلقة على أكثر من ركن من أركان الميدان –بسبب خروج الكثير من أعوان النظام الفائت ليتكلموا باسم ثورة لم يدعوا إليها ولم يشاركوا فيها- وهناك حشد حول مكبرات صوت في ثلاث أركان من الميدان: عند مدخل طلعت حرب، وبالقرب من الجامعة الأمريكية، وعند دوران الميدان أمام دار القضاء العالي. قابلت أكثر من صديق ويبدو أن مصر كلها هنا اليوم لتشارك في تثبيت أرجل الثورة في مواجهة إعلام حكومي خائب ونظام مازال لا يفهم.

لكن شيئا جديد طرأ لا أفهمه، هناك تجمع كبير وتواجد كبير للسلفيين بالميدان، هذا أول يوم يظهر هذا التيار بالميدان ومعظمه محتشد عند الركن الثاني –أمام هارديز- بالميدان، فنانون يأتون في هذا الركن للحديث في مكبرات الصوت والكل يستمع لشعارات التضامن وحتى شعارات الثورة التي أتى المتضامنون لسماعها بأنفسهم بعدما فوت النظام على أكثر المصريون فهم ما يحدث حقا.

في الأيام الماضية كان يتم الدعوة للصلاة ويصلي الناس مع بعضهم البعض في أماكن متفرقة بالميدان. اليوم عند حلول موعد المغرب نادى السلفيون المحتشدون بالصلاة، وصعد الشيخ محمد حسان –صاحب فتوى تكفير البرادعي وكل من يعارض "ولي الأمر" قبل أسبوع- ليؤم الصلاة في هذا الركن، طبعًا هذا الميدان أصبح أكثر الأماكن حرية في مصر والكل مرحب به لإظهار رأيه –الديني أو السياسي- ولكني كنت غاضب لأن هذا الشيخ وبعد فتواه المشهورة تأكدت أنه من أتباع جهاز أمن الدولة المنهار. نادر السيد –حارس المرمى المعتزل- كان يتكلم قبله وحينما رأى المشهد أكد في آخر كلامه أن هذه الثورة ثورة كل المصريين، وليست ثورة طائفة أو ثورة اتجاه بعينه. تسلم الشيخ الميكروفون وبدأ الصلاة، توجه بعض الناس للابتعاد لإتاحة الفرصة للصلاة، ولكن الغريب في هذه الصلاة عن كل الصلوات التي صليناها بالميدان أن المصلون تراصوا في دقيقة واحدة في صفوف كانت ضيقة، وفي النهاية لم يتمكن من أراد الخروج ومنهم مسيحيون سوى انتظار انتهاء الصلاة وسط المصلون، تلك الصلاة التي أخذت أكثر من ساعة –صلاة المغرب والعشاء جمعًا- تحت أعين الناس وبتصوير أكثر من وسيلة إعلام عالمية. بما فيها الركعة الأخيرة من العشاء التي استغرقت وقت طويل من دعاء الشيخ حسان وبكاؤه.

يومها كان المرشد الإيراني قد خرج ليبارك ثورة المصريين الإسلامية. عمومًا صلى السلفيون في هذا الركن وصلى مسلمون آخرون صلاتهم في أماكن أخرى. لتستمر الحالة الثورية بعدها. الدين لله والوطن للجميع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

two's complement

المراحل الخمسة للثورة المصرية

أزمة السياسة والأحزاب في مصر